"كلمني شكراً"..الفيلم الذي طلبته خارج نطاق الخدمة!مع خالد يوسف، لم يعد جديداً أن نسمع عن وجود جرعات جنس زائدة ومُبالغ فيها.. لم تكن مفاجأة أن نسمع نفس الردود التي تؤكد أن الجنس موظف درامياً بشكل يخلو من الابتذال والإسفاف، وأن الهدف الحقيقى منه هو إظهار الواقع بكل حقارته وسلبياته لا مغازلة المراهقين والجمهور "التعبان" لضمان زيادة الإيرادات.. لم نتوقع أن يناقش الفيلم قضية واحدة إذ اعتادت أفلام خالد أن تحشر معظم مشكلات مصر بشكل بانورامي سريع دون التركيز على قضية بعينها والتعمق فيها كما ينبغى.. لم نحتج أن نعرف أن اسم البطلة التي ترتدي الملابس الفاضحة، وتمارس الجنس في مختلف مشاهد الفيلم هي غادة عبد الرازق.. لكننا لم نجعل كل هذه التوقعات حكماً نهائياً على الفيلم قبل مشاهدته، لذا حوّلنا لخالد يوسف رصيداً جديداً حتى "يشحننا" بأفكار مختلفة، وخلطة جديدة بعيداً عن خلطته المميزة بكوكتيل السياسة والجنس والمهمشين، ورغم ذلك جاء الفيلم خارج نطاق الخدمة!
"إبراهيم توشكى – عمرو عبد الجليل" الذي لا يرسى على مهنة معينة، ويحلم طوال الوقت بالنجومية ينتهي به الحال ليصبح "حالة" اجتماعية "مفبركة" جاهزة لتقمص كل الشخصيات في برنامج اجتماعي يذاع على الفضائيات ويقدّم نماذج إنسانية لبشر يعانون في مصر من الظلم والاضطهاد، سواء العجز الجنسي، أو الشذوذ، أو التعذيب، ليلقنه المخرج والمذيعة "العربية" في كل حلقة سيناريو مختلقا ليقوله أمام الشاشة مع عدم إظهار شكله وملامحه، وفي غمار حبه لـ"عبلة" ورغبته في الارتباط بها، تفاجئه "أشجان – غادة عبد الرازق" العاهرة التي يمارس معها أبناء "عزبة حليمة" الخطيئة أنها ولدت منه سفاحاً ولا بد أن يتزوجها وإلا ستفضحه أمام أهل العزبة، مما يهدد ارتباطه بفتاة أحلامه.
بالله عليكم ما علاقة هذه القصة "البسيطة" بأزمة العيش في مصر وجشع أصحاب المخابز، والبنات اللاتي يمارسن الجنس عبر الإنترنت ويتقاضين أجرتهن بكروت الشحن، ووصلات الدش المسروقة التي تذيع مباريات كرة القدم التي تحتكرها الشبكات المشفرة، وأطفال الشوارع الذين يشربون المخدرات ويضربون "الكلة"، وممارسة الدعارة وتجارة اللحم "الرخيص"، وغيرها من المشكلات التي تملأ واقعنا المرير؟ الإجابة أن هذه "دماغ" خالد يوسف وخلطته التي يغازل بها كل أفراد المجتمع لضمان تحقيق الإيرادات، وبالمرة ارتداء قبعة المثقفين وراهبي الفكر ليصبح أمام المجتمع في صورة المخرج المثقف صاحب الرؤية والفكر الذي يناضل من أجل مجتمعه المظلوم!
"خيانة مشروعة".. "هي فوضى".. "حين ميسرة".. "دكان شحاتة".. "كلمني شكراً" رغم اختلاف أفكار هذه الأفلام، إلا أن خلطتك يا خالد، وطريقة استخدامك للجنس، والمتاجرة بآلام المهمشين، مع ظهور بعض ضباط الشرطة أو أعضاء مجلس الشعب لإضفاء بُعد سياسي أصبحوا جزء لا يتجزأ من هذه الأفلام، وكأنك تحشر كل مشاكل مصر في كل فيلم من أفلامك، دون أن تخضع رؤيتك لأبسط قواعد السيناريو والدراما، باختيار معضلة أو قضية واحدة والانغماس فيها وطرح كل أبعادها بشكل وافر يعطيها حقها ويصل بالجمهور لشيء وكلمة "شيء" لا أقصد بها الحل، ولكن على الأقل برؤية شبه كاملة بدلاً من تمزيق وعي الجمهور وتشتيته بين مختلف القضايا.
والطريف أن "كلمني شكراً" يظهر كل مساوئ مصر في برنامج "مفبرك" ثم يتم القبض على العاملين في البرنامج بدعوى تشويه سمعة مصر أمام العرب، وانتقاد مذيعة البرنامج بعدم البحث عن مشاكل بلدها وإظهارها في بلدها كما تفعل مع مشاكلنا، فهل نقدك لهذه البرامج التي تعتمد على الفبركة لتشويه سمعتنا، يضعك أيضاً تحت طائلة النقد والمساءلة بدعوى تشويه صورة المصريين في أفلامك بالاعتماد على "التمثيل"؟!
نعم كل التفاصيل الموجودة بالفيلم حقيقية.. نعم الواقع يزخر بما هو أشد هولاً منها، لكنك عرضتها بشكل تجاري رخيص ليكسب فيلمك من ورائها، لا بهدف معالجتها والتطرق "الأمين" لها، وبالتالي شعر الجمهور بالخدعة، ولم يتعاطف مع أبطال الفيلم، ولا معاناتهم، واكتفى المراهقون بالهدف الرئيسى لدخولهم فيلم "مناظر" كهذا لإمتاع أعينهم بالأجساد العارية تحت قمصان نوم تكشف أكثر مما تستر، دون أن يدركوا أنهم بهذا يرهقون أنفسهم بما لا طاقة لهم به، بينما تخرمت آذان الكبار بألفاظ خادشة للحياء ما كنا نظن أننا سنحيا حتى نشهد ذلك اليوم الذي تنتشر فيه تلك الألفاظ في السينما، بل وتخترق بيوتنا من خلال إعلانات الفيلم التي تذاع في التلفاز!
كلمات أخيرة
غادة عبد الرازق: عفواً لقد نفد رصيدكم.
عمرو عبد الجليل: حاول في وقتٍ لاحق.
د. سيد خطاب الرئيس الجديد للرقابة على المصنفات الفنية: دورك لحماية الجمهور غير موجود بالخدمة.
خالد يوسف: فيلمك الجديد خارج التغطية.
[b][center]